مين اللي قال البعيد عن العين بعيد عن القلب؟

أوراق منثورة

البعيد عن العين.. بعيد عن القلب..!!
بعيد عنك لكن جنبك وأقرب ليكي من قلبك
بحبك.. مستحيل أنسى هواكي.. طمني قلبك

رامي صبري.. شاب في العقد الثالث من عمره

نفسي أشوفك واسمع صوتك
أعمل إيه واروح لك فين؟
بعدك مش واخد على نفسي
بعدك مش عارف أنا مين
صعب عليا اتحمل بعدك
واعيش العمر حزين
دا أنا لو غالي عليك ترحمني
أنا مش عارف أعيش غير بيك

محمد فؤاد.. رجل أربعيني العمر

من بلاد النفط أكتب إليك وحدك.. سنون الغربة لا تفوت، والعمر يمر كقطار سريع " توووت "، افترقنا بفعل الظروف، لعن الله الفراق، في مصر كل شيء يذكرني بك.. صورتك التي وضعتها في برواز أهديتيني إياه، نهر النيل شاهدُ أيامنا في العشق والهوى، شوارع وسط البلد، جروبي ومكتبة مدبولي التي أهديتك منها " الخيط الرفيع "، وكل شيء. فشلت في تطبيق فعل النسيان، وإلى بلاد النفط رحلت، تركت الصورة في بروازها والنيل لعشاق غيرنا، وخيط إحسان عبد القدوس الرفيع ليفعل به ما يشاء.. أخبروني بأن البعيد عن العين بعيدا عن القلب، لذلك رحلت، قررت أن أخوض تجربة النسيان في مكان آخر، وصممت على نجاح التجربة.. وفشلت. الصورة تركتها في بروازها وطبعتها بعيني داخل قلبي، ورائحة عطر عيد الحب الفرنسي لا زالت في أنفي، لا أشم غيرها، ولا أفيق من تأثيرها الذي نافس نبيذ فرنسا الأحمر. لا زلت أتذكر جرس هاتفي النقال حين توقظيني في السابعة صباحا لأذهب إلى العمل " الله عليك.. من بين عينيك.. شايف خطاوي مخضرة الله عليك"، لا زلت أتذكر مكالمة المساء وأشتاق لغيرة حمقاء،وعبارات مثل " وحياتي تبطل سجاير - قلقتني عليك أوي - مش لازم تشتغل صبح وبعد الضهر وتهلك نفسك.. لسه قدامنا وقت " لا زلت أتذكر رسائلك القصيرة لتذكيري بأن غدا أول ذو الحجة ولازم تصوم أو لمباغتتي بسؤال " صليت الضهر؟ ". لاسمك في لساني مذاق العسل المر، عسل الذكريات ومر الحاضر بوجع البعاد، لا زلت أحبك وأتنفسك كما كنت أفعل دوما.. أعرف.. لم يعد ينفع أن أرسل خطاباتي إليك ولكنك.. وحشتيني.


أنا جراح كبير.. أعيش في لندن التي احتوتني بعد رحيلي عن مصر عقب النكسة، قدمت لي لندن كل شيء، العلم والعمل، التقدير المادي والمعنوي والمال الوفير، الشهرة والمكانة الاجتماعية المرموقة، باختصار قدمت لي لندن كل شيء. لدينا في انجلترا أقوى مسابقة كرة في العالم ومع ذلك قمة متعتي الكروية في مباراة للأهلي وطنطا أشاهدها على الفضائية المصرية!!
لدي هنا جهاز فيديو قديم وعدة شرائط فيديو ليس من بينها أفلاما لنجوم هوليود، فقط لدي أفلام ضد الحكومة واللعب مع الكبار وباب الحديد وبداية ونهاية والناصر صلاح الدين واشترى ابني فيلما اسمه اللي بالي بالك، حفظت مشاهد تلك الأفلام حرفا حرفا وأبدا لم أمل منها ولم أسأم من مشاهدتها يوما!!

أفرح كالأطفال حين يأتي أحد المصريين للعمل هنا وأجده داخلا علي بفطيرة مشلتتة، أوحين أستقبل أحدهم في المطار وأحضنه بشده لأشم رائحة مصر في ملابسه. لم أنس مصر يوما ولم تصدق معي مقولة أمي " البعيد عن العين بعيد عن القلب " ولم تفلح رفاهية لندن أن تنسيني حارتنا بحي السيدة زينب، حتى فسحتي مع زوجتي الإنجليزية في الهايد بارك لم أحسها كما أحسست برومانسية حديقة أحمد رامي بالمنيل حين كنت اصطحب حبيبتي زميلة الدراسة إلى هناك.
لم أضع في سيارتي يوما ألبوما للبيتلز أو فرانك سيناترا، في سيارتي فقط راكبة دائمة هي أم كلثوم.. كلمة واحدة: البعيد

عن العين يملك القلب.

في مسجد نفيسة العلم وبعد أن صليت العصر وجلست قليلا ، جالت بخاطري تلك العبارة " البعيد عن العين بعيد عن القلب ".. أومال أنا هنا بعمل إيه؟! لم أرى الله تعالى يوما.. وأحببته.. عشقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أشرف يوما بمقابلته.. تعلقت بشدة بالفاروق بن الخطاب وقد رحل قبل مولدي بأكثر من ألف عام.. إذن اللي قال الجملة دي هجاص وخروف كبير.

مقولة صدرت من بلاد تدّعي أنها أرض الرومانسية وبسببها أطلقوا على قبلات العشاق " قبلات فرنسية "، هم يرون أن " البعيد عن العين بعيد عن القلب ".. هم يرون ذلك إذن فمن الفارس العاشق عنترة إلى فاروق جويدة صاحب أعظم بيت في الحب.. تبقى الرومانسية الحقيقة حصرية على القناة العربية.

أترككم مع جويدة والسلام ليس ختام..

لو أننا لم نفترق لبقيت نجماً في سمائك سارياً وتركت عمري في لهيبك يحترق لو أنني سافرت في قمم السحاب وعدت نهراً في ربوعك ينطلق لكنها الأحلام تنثرنا سراباً في المدى وتظل سراً في الجوانح يختنق ... لو أننا لم نفترق كانت خطانا في ذهول تبتعد و تشدنا أشواقنا فنعود نمسك بالطريق المرتعد تلقي بنا اللحظات في صخب الزحام كأننا جسد تناثر في جسد جسدان في جسد نسير و حولنا كانت وجوه الناس تجري كالرياح فلا نرى منهم أحد ... مازلت أذكر عندما جاء الرحيل و صاح في عيني الأرق و تعثرت أنفاسنا بين الضلوع و عاد يشطرنا القلق و رأيت عمري في يديك رياح صيفٍ عابثٍ و رماد أحلام .. وشيئاً من ورق هذا أنا .. عمري ورق .. حلمي ورق .. طفل صغير في جحيم الموج حاصره الغرق .. ضوء طريد في عيون الأفق .. يطويه الشفق .. نجم أضاء الكون يوماً واحترق ... لا تسألي العين الحزينة .. كيف أدمتها المقل لا تسألي النجم البعيد .. بأي سر قد أفل مهما توارى الحلم في عيني و أرقني الأجل مازلت ألمح في جبين الأفق نجمات جديدة و غدا ستورق في ليالي الحزن .. أيام سعيده وغدا أراك على المدى .. شمسا تضيء ظلام أيامي .. و إن كانت بعيده ... لو أننا لم نفترق حملتك في ضجر الشوارع فرحتي و الخوف يلقيني على الطرقاتِ تتمايل الأحلام بين عيوننا و تغيب في صمت اللقل نبضاتي و الضوء يسكب في العيون بريقه و يهيم في خجل على الشرفات ِ كنا نعانق في الظلام دموعنا و الدرب منفطر من العبرات و توقف الزمن المسافر في دمي و تعثرت لوعة خطواتي و الوقت يرتع والدقائق تختفي فنطارد اللحظات باللحظات ِ ما كنت أعرف والرحيل يشدنا أني أودع مهجتي و حياتي ما كان خوفي من رحيل آتي لم يبق شيئا منذ كان وداعنا غير الجراح تئن في كلماتي ... ااااااااه لـــــــو أننــااا لم نفترق ؟؟..